تبييض الأموال

المحامية نور جلال رمضان

جــا مــعـة  د مـشــق
كــلـيــة الــحــقــوق
مـــاجــسـتير التأهيل و التخـصص
في قانون الأعمال الداخلي و الـد ولي


حلقة بحث بعنوان
السريّة المصرفية و علاقتها بغسل الأموال


إعــداد الـطــــلاب
دانـــــــا  سـُـــمــــيــة
مــحــمــد  الـــعــلــوش
دانـــيـــة  عـــــلـــوش
جـــا نـــيـــت ســـــا لــم

بإشــراف الــد كــتـور
عـــبـــود الـــســــراج
كانون الثاني/2010/
 
مخطط البحث
المبحث الأول : السرية المصرفية و أهميتها و جريمة إفشاء السر المصرفي

                     المطلب الأول : تعريف السرية المصرفية و أهميتها
                     المطلب الثاني : جريمة إفشاء السر المصرفي و الشروع فيها

المبحث الثاني : جريمة غسل الأموال و أركان هذه الجريمة .
                     المطلب الأول: مفهوم ونطاق جريمة غسل الأموال
                      المطلب الثاني : جريمة غسل الأموال في القانون السوري

المبحث الثالث: السرية المصرفية وغسل الأموال

                    المطلب الأول : العلاقة بين السرية المصرفية و غسل الأموال
                    المطلب الثاني: بعض السياسات المقترحة في محاولة لتفادي وقوع                                                                                                                                                                                                                                              المصارف في شرك التورط في عمليات غسل الأموال

المبحث الرابع : اشكاليات التوفيق بين مكافحة غسيل الأموال وقواعد العمل المصرفي بمافيها إهدار السر المصرفي و الجهود الدولية في هذا الإطار

                    المطلب الأول: مسؤولية البنوك عن جريمة غسيل الأموال
                    المطلب الثاني: إهدار السرية المصرفية في سبيل مكافحة غسل الأموال.



الـــــــخــــــــــاتــمــــة



الـــمــقــد مـــــــة
إن المال هو عصب الإقتصاد الذي يعتبر عماد الحياة المعاصرة و أحد مقومات الأنظمة السياسية و الإجتماعية السائدة في العالم .
و مصطلح غسل الأموال هو المصطلح الأكثر تداولاً في العالم حالياً . و بدى هذا المصطلح كظاهرة اجرانية في الولايات المتحدة في الفترة الممتدة ما بين 1920 و 1930 ، حيث استخدم رجال الأمن الأميريكيون لفظة غسل الأموال للدلالة على ما كانت تقوم به عصابات المافيا من شراء أو إنشاء المشاريع و المحلات بــــ " أموال قذرة " ذات المصدر غير المشروع ومن ثم خلطها برؤوس الأموال و الأرباح الناتجة لإخفاء مصدرها عن أعين السلطات الرقابية .
إن أولى الخطوات التي يجب إتخاذها من أجل مكافحة غسل الأموال ، هي الإستقصاء و التفتيش عن الأموال الغير مشروعة و عن المعلومات المتعلقة بتطورعمليات تبادل الأموال .
بيد أن القيام بهذه الخطوات ، يتطلب الكشف عن الودائع الموجودة في المؤسسات المالية و خاصة المصرفية منها ، مما يؤدي إلى الإصطدام بسرية الحسابات المصرفية .
فالمصرف ملزم بكتمان السر المصرفي لعملائه ، وهو عرضة للمساءلة القانونية الجزائية و المدنية في حال إفشاء السر المصرفي . فهل تشمل مساءلة المصرف في حال إفشائه معلومات حول أموال ذات مصدر غير مشروع ؟ وهل يعتبر المصرف قد خرق السرية المصرفية في هذه الحالة أم لا ؟
وقد تساءل البعض عما إذا كانت السرية المصرفية سبباً لغسل الأموال ، بالإضافة إلى تساؤل الفقهاء عما إذا كان السر المصرفي هو تغطية لجرائم معينة ؟ و ذلك بالإشارة إلى إخفاء أو تمويه المصادر الغير مشروعة للأموال المشبوهة التي تودع في حسابات مصرفية .فهل تقوم السرية المصرفية بحماية هذه الأموال ؟ وما هو مفهوم جريمة غسل الأموال أركانها و أساليبها و العلاقة بينها و بين السرية المصرفية ؟ وكيف يمكننا وضع حدود للسرية المصرفية ؟
كل هذه المواضيع و غيرها سيتم بحثها من خلال تقسيم بحثنا إلى قسمين ، يتناول الأول التعريف بالسرية المصرفية و بجريمة غسل الأموال ، و القسم الثاني يتناول العلاقة بين السرية المصرفية وغسل الأموال إشكالية إهدار السرية المصرفية في سبيل مكافحة غسل الأموال .

الـــقــــســـم الأول : التعريف بالسرية المصرفية و بجريمة غسل الأموال

المبحث الأول : السرية المصرفية و أهميتها و جريمة إفشاء السر المصرفي

المطلب الأول : تعريف السرية المصرفية و أهميتها
أولاً : تعريف السرية المصرفية
لم تقم أغلب التشريعات القانونية بإيراد تعريف محدد للسرية المصرفية بل اعتبرت الالتزام به واجب مهني يخضع لأحكام الالتزام بالحفاظ على سر المهنة و لكن يمكن لنا أن نعرف السرية المصرفية كما يلي :
السرية المصرفية : هي نظام قانوني مصرفي يلزم المصارف بالحفاظ على سرية المعلومات حول زبائنهم عن طريق استعمال طرق عديدة منها استعمال أرقام لحسابات مصرفية بدلاً من أسماء حقيقية  أو خزائن حديدية مرقمة بحيث لا يعرف أسماء أصحابها سوى مدير المصرف أو وكيله.
بدأ هذا النظام عام 1934 في سويسرا و أدى إلى إنشاء نظام البنوك السويسري الشهير .

قانون سرية المصارف السوري قال في المادة الأولى منه :
( تخضع لأحكام سر المهنة كل المصارف العاملة في الجمهورية العربية
 السورية........)
 و بخصوص سر المهنة في المجال المصرفي يمكن القول أنه نظراً لمقدرة البنوك في تجميع معلومات كثيرة عن عملائها و إطلاعها على جانب كبير من شؤونهم الخاصة وخاصةً المعاملات الائتمانية فلخطورة هذا الوضع تلتزم البنوك بالمبادئ والقواعد التي يطلق عليها أخلاقيات المهنة المصرفية ومن جهة أخرى لمراعاة الدقة والأمانة والحفاظ على مصالح الناس واسرارهم المصرفية .
ويرفع من قدر المهنة المصرفية حمايتها بالتشريعات القانونية الملزمة .

ثانياً : أهمية السرية المصرفية:
أ:أهمية خاصة
1-بالنسبة للأفراد : لا بد من حماية الحرية الشخصية للأفراد فيما يخص تعاملاتهم المالية هذه الحرية التي تكفلها معظم القوانين الدستورية وخاصة تلك التي تعترف بالمبادئ الفردية و بالحرية الاقتصادية ولا بد من الإشارة إلى تعرض رعايا بعض الدول إلى الاضطهاد ، وخاصة لأسباب طائفية أو عرقية ،مما يدفع بهم إلى الهجرة مع أموالهم إلى بلدان أكثر أماناً .
2-بالنسبة للمصارف : إن ازدهار أي مصرف و نمائه يتوقف على ازدياد عدد المتعاملين معه و حركة تعاملاتهم، ذلك أن أي مهنة خدمية كقطاع المصارف تتوقف بالدرجة الأولى على زبائنهم و تعتمد اعتماداً كلياً عليهم ، لذلك كان من مصلحة المصرف أن تبقى أعماله مكتومة لارتباط ذلك بمصلحة العملاء الذين يأمنوه على أسرارهم المالية و الذي يتوجب عليه أن يحافظ عليها ، ليس من منطلق الحماية الفانونية للسر المصرفي فحسب ، بل من منطلق الحرص على مصلحته في تدعيم الثقة فيه وعدم نفور العملاء من التعامل معه ، وبالتالي خسارة المصرف على الصعيد المالي و التجاري بما في ذلك تعويض الأضرار التي لحقت بالعملاء من جراء إفشاء الأسرار المصرفية .
ب : أهمية عامة
1-أهمية اقتصادية : تتمثل في أن تبني نظام سرية المصارف يساهم وبشكل كبير في جلب رؤوس الأموال إلى البلدان التي تتبنى هذا النظام  مما يؤدي إلى تعزيز الوضع الاقتصادي وكمثال نشير إلى لبنان حيث أن اعتماد السرية المصرفية  فيه ساهم في تحقيق قفزات كبيرة للقطاع المصرفي حيث أنه ورغم الحروب المتتالية بلغت الودائع المصرفية  في بداية العام 2009 ما يفوق 100 مليار دولار ، وهو رقم يؤكد أهمية السرية المصرفية .

2-أهمية سياسية : يتجلى ذلك في بالعمل على دعم و صيانة البلد الذي يتبنى نظام السرية المصرفية  لرؤوس الأموال التي يستضيفها فإن كانت جميع القطاعات المصرفية قد انهارت إبان الحروب التي نشبت على لبنان ،فإن البنية المصرفية بقيت متينة لأنها تشكل قاسماً مشتركاً لم يجرؤ أحد على مسّه .

المطلب الثاني : جريمة إفشاء السر المصرفي و الشروع في الجريمة :
أولاً: مبدأ تجريم إفشاء البنوك للسر المصرفي:
تجرم تشريعات العديد من الدول إفشاء السر المصرفي إما باعتباره سرا مهنيا أو باعتباره سرا مصرفيا في حين لا تأخذ تشريعات دول أخرى بهذا المبدأ، ومن ثم اختلفت الاتجاهات التشريعية في تقرير الحماية الجنائية للسر المصرفي، فالدول التي قررت حماية للسر المصرفي اختلفت من حيث مدى قوة وصرامة هذه الحماية فمن الدول من أخذ بنظام الحماية المطلق ومنها من أخذ بنظام الحماية النسبية ومن هذه الدول أيضا من اعتبرت السر المصرفي سرا مهنيا، فبالتالي طبقت عليه النص العام الخاص بالسر المهني في قانون العقوبات ومن هذه الدول أيضا من أحاط السر المصرفي بنصوص جنائية خاصة، كما اختلفت تشريعات هذه الدول في تحديد الطبيعة القانونية المقررة لهذه الجريمة من حيث أنها جريمة خاصة تشكل على أنها عدوان على مصالح العملاء، ومنها من اعتبر هذه الجريمة جريمة اجتماعية عامة تشكل في المقام الأول عدوان المصلحة الاجتماعية العامة.
-
النصوص القانونية المجرمة لإفشاء السر المصرفي:
اختلفت الأنظمة القانونية في كثير من الدول حول طبيعة السر المصرفي ففي بعض الأنظمة القانونية يعد السر المصرفي سرا من أسرار المهنة ومن ثم يطبق عليه النصوص العامة الخاصة بأسرار المهن الواردة في قانون العقوبات ومنها من حمى السر المصرفي بنصوص خاصة ولم يكتف بالنصوص العامة الواردة في قانون العقوبات، فمن هذه الدول التي طبقت النصوص العامة الواردة في قانون العقوبات على السر المصرفي (فرنسا - ايطاليا - انجلترا - بلجيكا – ألمان).
فنجد المادة 226/13 عقوبات جديد فرنسي تنص على الإفشاء لمعلومات ذات طبيعة سرية بواسطة أحد الأشخاص الذين يكونون من الأمناء عليها، أما بسبب الحرفة أو المهنة أو بحسب الوظيفة أو العمل ويعاقب بالحبس سنة والغرامة 10000 فرنك وهذا ما سار عليه القانون البلجيكي والألماني والايطالي والانجليزي.
أما الدول التي طبقت نصوص خاصة على إفشاء السر المصرفي ولم تكتف بالنصوص العامة في قانون العقوبات: سويسرا ولبنان ومصر.
أما القانون السوري :34   لعام  2005 فقد نص في المادة 11 منه على ما يلي : (كل مخالفة لأحكام المرسوم التشريعي يعاقب مرتكبها بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة ويعاقب على الشروع بذات عقوبة الجريمة في حال ارتكابها ولا تحرك دعوى الحق العام إلا بناء على شكوى المتضرر .)
 محل الجريمة (السر المصرفي)
لكل جريمة من الجرائم محل اي المحل الذي يقع عليه الفعل الإجرامي فمثلا في جريمة القتل يكون محلها جسد الإنسان وفي جريمة السرقة يكون محلها المال المسروق أم جريمة إفشاء السر المصرفي فيقع على السر المصرفي المتمثل في المعلومات والبيانات التي حصل عليها البنك من العميل لانجاز المعاملات
المالية الخاصة به: مثل الشيكات والتعليمات الثابتة.
 صفة الجاني (الأمين المصرفي) الفاعل بالجريمة
جريمة إفشاء الأسرار هي من الجرائم ذات الصفة المعنية بحيث لا يرتكبها اي شخص بل شخص ذو صفة معين، والعلة في طلب هذا الركن ان القانون يعاقب على إفشاء السر صيانة لمصالح الأفراد حيث يلجأون الى أصحاب المهن والوظائف طالبين خدماتهم فيضطرون الى الإفصاح لهم ببعض الأسرار الخاصة ومن هذا القبيل العملاء عندما يلجأون الى البنوك فيضطرون الى الإفصاح لهم عن الكثير من المعلومات الشخصية الائتمانية الخاصة بهم.
وعلى ذلك فان الفاعل في هذه الجريمة التي نحن بصددها هو «البنك» عندما يفشي أسرارا ومعلومات خاصة بأحد العملاء، من قبل العامل بالبنك او من يتعاون معه ويشاركه بالأعمال التحضيرية لجريمة إفشاء السر المصرفي.
 ثانياً : أركان الجريمة
تقوم جريمة إفشاء السر المصرفي على ركنين: الركن المادي والركن المعنوي، فالركن المادي في هذه الجريمة يتمثل في فعل الإفشاء عندما يقوم البنك بإفشاء معلومات وأسرار العميل الخاصة والإفشاء لا يشترط القانون لتحقيقه طريقة معينة وإنما يقع بأي فعل يقوم به البنك من شأنه فضح ونشر معلومات وأسرار العميل، وعلى سبيل المثال إفشاء سر العميل في قضية الشيك الذي أصدره سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر من ماله الخاص وتم تسريب المعلومة الى أحد أعضاء مجلس الأمة.
الركن المعنوي في جريمة إفشاء السر المصرفي: فهذه الجريمة من الجرائم العمدية التي اشترط القانون لوقوعها توافر القصد الجنائي لدى الجاني والذي يقوم على عنصري العلم والإرادة فيجب أن يكون مفشي السر على علم بطبيعة ما يقوم به من عمل وانه مجرم من الناحية القانونية، وكذلك يجب أن يكون مدركا لما يفعله بحيث لا يشوب تصرفه عيب من عيوب الإرادة والقصد الجنائي قد يكون قصدا عاما وقصدا خاصا إنما المطلوب في هذه الجريمة، فلقد اختلفت التشريعات فيه، فمن الدول من تشترط توافر القصد الجنائي العام وبجانبه القصد الجنائي الخاص والمتمثل في نية الجاني في إلحاق الضرر بالمجني عليه، وهناك دول أخرى لا تشترط قصدا جنائيا خاصا فيكفي لتحقق الجريمة ووقوعها توافر القصد الجنائي العام القائم على عنصري العلم والإرادة.
 الجزاءات الجنائية لانتهاك السرية المصرفية:
أ) الجزاءات الجنائية لانتهاك السرية المصرفية في القانون الفرنسي: وضع القانون الفرنسي الجديد الصادر عام 1994 في المادة 226-13 منه عقوبة الحبس والغرامة 10000 فرنك.
ب) الجزاءات الجنائية لانتهاك السرية المصرفية في القانون الايطالي:
وضع قانون العقوبات الايطالي لهذه الجريمة عقوبة الحبس سنة أو غرامة لاتقل عن 12000 ليرة ولا تزيد على 200000 ليرة ولكن يعاقب الجاني على الجريمة بناء على شكوى من المجني عليه إذا نجم عن الإفشاء ضرر.
ج) القانون السويسري: وضع عقوبة الحبس الذي لا يجاوز 6 شهور او بغرامة 500000 فرنك، ويعاقب الشريك بنفس العقوبة، أما إذا ارتكبت الجريمة بإهمال فتكون العقوبة الغرامة التي لا تجاوز 30000 فرنك ويبقى انتهاك السر معاقبا عليه بعد انتهاء علاقة العمل العامة أو الخاصة أو ممارسة المهنة وذلك وفقا لنص المادة 47 من القانون الفيدرالي الخاص بالبنوك وصناديق التوفير.
د) القانون المصري: وضع القانون رقم 205 لسنة 1990 في شأن سرية الحسابات البنكية عقوبة مشددة على إفشاء سرية الحسابات البنكية حيث تنص المادة 7 منه (مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يعاقب كل من يخالف أحكام المادة الأولى والثانية فقرة أخيرة والمادة الخامسة من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن عشرين سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه.
وعلى ذلك فان القاضي غير مخير بتطبيق الغرامة أو الحبس بل جعل القانون كلتا العقوبتين وجوبيا على القاضي أن ينطق بهما في الحكم، خلافا لنص المادة 310 عقوبات التي كانت تجعل عقوبة الحبس والغرامة تخيريه للقاضي له أن يقضي بأحدهما.

 ثالثاً: الشروع في الجريمة .
الشروع في هذه الجريمة متصور فمسؤول البنك الذي يسمح للغير بالدخول إلى المكان الذي يستطيع أن يحصل على المعلومات السرية للعميل ولكن هذا الغير لا يتمكن من ذلك فهذا يعتبر شروعا في الجريمة فهل ذلك معقب عليه وفقا لأحكام القانون المصري والفرنسي فان هذه الجريمة لا تتم إلا إذا وقعت كاملة فالشروع غير معاقب عليه وفقا لأحكام هذين القانونين، أما في سويسرا فالمشرع وفقا لنص المادة 47 من قانون الصرافة فيعاقب على الشروع بنفس عقوبة الجريمة التامة.  كما في القانون السوري أيضاً رقم 34 لعام 2005 ( المادة 11 )
وخلاصة القول فان إفشاء السر المصرفي من قبيل الشيك أو البيانات المالية المتعلقة بالعميل دون سند من صحيح القانون ويقصد به إلحاق الضرر المادي والمعنوي للعميل فانه يتحقق بذلك عنصري العلم والإرادة في ارتكاب جريمة إفشاء السر المصرفي.

المبحث الثاني : جريمة غسل الأموال و أركان هذه الجريمة .
المطلب الأول: مفهوم ونطاق جريمة غسل الأموال:

 أولاً: تعريف جريمة غسل الأموال :
تعددت تعاريف جريمة غسل الأموال وتباينت بتباين التشريعات والاجتهادات , ولكن من الممكن استخلاص تعريف مبسط لشرح لفظ غسل الأموال بصورة مبسطة وجامعة لكل التعاريف.
عملية غسل الأموال هي : إخفاء الأموال المكتسبة بطرق غير مشروعة بحيث تبدو أنها أموال أتت بطريقة شرعية .
وفيما يلي بعض التعاريف الواردة في الآتفاقيات  الدولية , والتشريعات والقوانين :

ا : تعريف جريمة غسل الأموال حسب الاتفاقيات الدولية:

تضمنت اتفاقية الأمم المتحدة تعريفًا عمليًا وليس صريحًا لغسل الأموال حيث أشارت في المادة الثالثة منها إلى غسل الأموال بأنه مختلف صور السلوك المادي التي تهدف إلى إضفاء مظهر مشروع على الأموال المتحصلة من الاتجار غير المشروع بالمخدرات، وتتمثل هذه الصور في تحويل الأموال أو نقلها، أو إخفاء وتمويه حقيقة هذه الأموال، أو اكتساب أو حيازة أو استخدام تلك الأموال.
كما اوضحت الفقرة الأولى من المادة السادسة من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، مفهوم جريمة غسل الأموال، بأنه "أية أفعال ترتكب عمدًا، لتحويل الممتلكات أو نقلها، مع العلم بأنها عائدات جرائم بغرض إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لتلك الممتلكات، أو إخفاء وتمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، مع العلم بأنها عائدات جرائم".
أما القانون السوري رقم 33 لعام 2005فقد عرفها:
 غسيل الاموال: كل سلوك يقصد به اخفاء او تغيير هوية الاموال التي لها علاقة بعمليات غير مشروعة وذلك تمويهاً لمصادرها الحقيقية ولكي تظهر على انها ناجمة عن عمليات مشروعة

ب: مراحل الجريمة
تمر جريمة غسيل الأموال بثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: التوظيف- الإيداع النقدي:
وهي أصعب مرحلة للقائمين بغسيل الأموال، إذ تكون فيها الأموال غير النظيفة عرضة لافتضاح أمرها، لأنها عادة تتضمن كميات هائلة من الأموال النقدية السائلة.
وتقتضي مرحلة الإيداع التخلي المادي عن النقود المتحصلة من النشاط الإجرامي أو النشاط غير المشروع، بهدف إبعاد الشبهة عن مصدرها، ويتم ذلك في الغالب بأسلوب بسيط ، عن طريق توظيف الأموال المشبوهة في البنوك أو في غيرها من المؤسسات المالية، سواء في داخل البلاد أو خارجها، وسواء بطريق فتح الحسابات، أو الودائع، أو شراء أوراق مالية وغير ذلك. وغالباً ما يتم ذلك عن طريق تجزئة الأموال الكبيرة بحيث لا يعرض نفسه للشبهة لأن البنوك تقوم بإبلاغ الجهات المختصة إذا وصل المبلغ إلى حد معين ولم يبلَّغ العميل عن مصدر تلك المبالغ.
كما يمكن في هذه المرحلة وضع هذه الأموال داخل النظام المالي عن طريق نقلها بكميات صغيرة في حقائب بواسطة المسافرين، أو عن طريق نقلها بالبحر مع تجار عاديين.
المرحلة الثانية: التغطية أو التعتيم:
تقوم هذه المرحلة على تضليل الجهات الرقابية الأمنية والقضائية عن المصدر غير المشروع للأموال القذرة عن طريق سلسلة من العمليات التي تهدف إلى فصل المال غير المشروع عن مصدره.
أي إخفاء طبيعة المتحصلات من الموال غير المشروعة عن طريق عدد من التحويلات سواء الداخلية او الخارجية لإيجاد العديد من الطبقات التي تؤدي إلى صعوبة الوصول إلى منشئها ويتم ذلك في المراكز المالية الكبرى أو في بلد ذات نظام مصرفي متساهل حيث يتم فتح حسابات مصرفية بأسماء شركات وهمية من أجل إزالة أي أثر لهذه المتحصلات التي دارت دورتها ليصبح من الصعب بعدئذ تعقب حركة هذه الحسابات ومتابعة سيرها.

المرحلة الثالثة: الدمج أو التكامل:
هي المرحلة الأخيرة من سلسلة التبييض وهي التي تسعى إلى إضفاء مظهر شرعي على الأموال غير المشروعة، وإتاحة استخدامها بطريقة مربحة ومحترمة. عبر القيام بتوظيفات مالية (ودائع نقدية) واستثمارات في الاقتصاد الحقيقي (القطاعات المنتجة) أو باستثمارات عقارية، أو تحف فنية، أو صناديق استثمار، أو محافظ استثمارية لكي لا يبقى أي أثر لمصدرها الجرمي.
أي ان مرحلة الاندماج تؤمن الغطاء النهائي للمظهر الشرعي للثروات ذات المصدر غير المشروع بطريقة تبدو وكانها ناتجة عن استثمار قانوني لمال من مصدر مشروع وبعد وصول المال على مرحلة الاندماج تكون وصلت إلى مرحلة الأمان بحيث يكون من الأموال المشروعة بحيث تعود مرة اخرى الموال إلى أيدي المجرمين بعد ان أصبحت نظيفة ويتاح لهم بعد ذلك التصرف فيها بحرية تامة.



 المطلب الثاني : جريمة غسل الأموال في القانون السوري :
وغسيل الأموال ، جريمة ذوي الياقات البيضاء ، تماما كغيرها من الجرائم الاقتصادية التي ترتكب من محترفي الإجرام الذين لا تتواءم سماتهم مع السمات الجرمية التي حددتها نظريات علم الإجرام والعقاب التقليدية .
بعد التطور الكبير الذي شهدته جريمة غسل الأموال لم تعد النصوص التقليدية العامة في قانون العقوبات قادرة على مواجهة هذه الجريمة بكافة تفصيلاتها, وبعد الدعوات التي أقرتها الاتفاقيات و الوثائق الدولية التي أكدت على ضرورة إصدار قوانين وطنية تجرم هذه العمليات, وحيث أن إصدار قانون غسل الأموال هو حاجة ملحة بالنسبة للدول التي هي في طور الانفتاح الاقتصادي لتلافي وقوعها في فخ هذه الجريمة.
أصدر المشرع السوري المرسوم التشريعي رقم 59 تاريخ 9/9/2003 الخاص بغسل الأموال, والذي يعتبر أول خطوة للمشرع السوري في هذا المجال, وما لبث أن أصدر المرسوم التشريعي رقم 33 تاريخ 1/5/2005 النافذ والمطبق حالياً والذي ألغى المرسوم السابق وجاء أكثر تفصيلاً و وضوحاً من المرسوم رقم 59 الآنف الذكر.
انقسمت التشريعات والآراء الفقهية القانونية في تعريف تبييض الأموال إلى قسمين: ضيق وواسع. يقتصر التعريف الضيق للتبييض على الأموال غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات, ومن هذه التشريعات والآراء الفقهية: اتفاقية فيينا عام 1988 ­ قانون المخدرات والمؤثرات العقلية ­.
أما التعريف الواسع لتبييض الأموال, فيشمل جميع الأموال القذرة الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال غير المشروعة, وليس فـقط تلك الناتجة عن تجارة المخدرات.
حيث أخذ المشرع السوري بالتعريف الواسع فلم يقصره على جرم معين أو فعل معين.
عرف المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005 في مادته الأولى الفقرة آ
غسل الأموال: كل سلوك يقصد به إخفاء أو تغيير هوية الأموال التي لها علاقة بعمليات غير مشروعة وذلك تمويها لمصادرها الحقيقية ولكي تظهر على أنها ناجمة عن عمليات مشروعة.
وعلى هذه سوف نقوم بدراسة هذه الجريمة من حيث أركانها والجزاءات المترتبة عليها.

أولاً: أركان جريمة غسل الأموال :
تتكون جريمة غسيل الأموال، كغيرها من الجرائم من ركنين أحدهما مادي والآخر معنوي، وسنتعرف عليهما من خلال الآتي

اعتبرت المادة الثانية من المرسوم رقم33 أنه يعد من قبيل ارتكاب جرم غسل الأموال كل فعل يقصد منه:
1-    إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة بأي وسيلة كانت وإعطاء تبرير كاذب بهذا المصدر.
2-    تحويل الأموال أو استبدالها مع علم الفاعل بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية.
3-    تملك الأموال غير المشروعة  أو حيازتها أو إدارتها أو استثمارها أو استخدامها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع علم الفاعل بأنها أموال غير مشروعة.
بعد ان عرفنا هذه الجريمة حسب القانون السوري ننتقل لنحلل أركانها من خلال التعريف.
أ: الركن المادي:
من المسلّم به أنه لا جريمة بدون ركن مادي, لأنه المظهر الخارجي لها, و به يتحقق الاعتداء على المصلحة المحمية قانوناً, وعن طريقه تقع الأعمال التنفيذية للجريمة
ويتمثّل الركن المادي لجريمة تبييض الأموال في كل فعل يساهم في إخفاء أو تمويه مصدر الأموال أو المداخيل الناتجة, بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
وسوف نحاول هنا دراسة أهم الأفعال التي تكون الركن المادي:
التحويل :هو النقل من حساب إلى حساب آخر أو إلى عدة حسابات سواءً في مصرف أو عدة مصارف في نفس الدولة أو خارجها, ويشمل ذلك التحويل الإلكتروني سواء داخل الحدود أو عبرها وبالتالي يصعب تتبع أصول الأموال المحولة عدة مرات خصوصاً إذا كان التحويل خارجي إلى دولة أخرى أو إلى بنوك مشبوهة مثلاً جزر الباهاما, كايان, ناورو, وهو أيضا تغيير انتماء المال.

وغسل الأموال عن طريق التحويل الالكتروني إنما هو صورة من صور الاستعمال غير المشروع للحاسب الآلي, وهو إن حصل يظل طي الكتمان مالم يبلغ عنه أو يكتشف بطريق الصدفة, لأن الأشخاص العاديين لا يشعرون به ليبلغوا عنه ويقتصر العلم به على الخاصة من الفنيين, ولو وقف هؤلاء على هذه الجريمة قد يترددون باشتباههم في وقوعها لأن في ذلك إساءة لسمعة المؤسسة التي قامت بالتبليغ.
والغرض من التحويل هو المباعدة بين المال القذر ومصدره غير المشروع وقطع الصلة به وإخفاءه أو التغطية عليه وعلى مكان الحصول عليه وعلى صاحبه.
وتقوم بعض المؤسسات الفردية بتسلم النقود من العمالة الوافدة في البلاد التي يعملون بها والتي يريدون تحويلها إلى ذويهم مختلطة بأموال المخدرات لغسلها مع إعطاء أمر لشركائهم في بلاد ذويهم بدفع قيمة تلك المبالغ إلى ذويهم.
ويمكن أن يتم التحويل عن طريق خطوط الطيران حيث لا يقوم رجال الجمارك عادة بعد العملة السائلة المحمولة من قبل المسافرين بعد التصريح عنها من قبل المسافر. كما يمكن أن يتم عن طريق الطائرات الخاصة , فقد استطاع أحد تجار المخدرات بنقل مبالغ تصل إلى 151 مليون دولار خلال عامي 1982 و 1983 بطائرته الخاصة من الولايات المتحدة الأميركية إلى خارجها.
كما يتم أيضا عن طريق شحنات الأقمشة والأفران والبراميل حيث تم اكتشاف مؤسسات خاصة في فلوريدا لتجهيز النقد السائل للتهريب عبر الحدود بالبر أو البحر عن طريق الشحن.

الإخفاء: جاء في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية باليرمو 2000 على المادة 6 في فقرتيها آ و ب بند 11.
إن عبارة إخفاء أو تمويه ينبغي أن تفهم على أنها تشمل منع امتلاك الأصول غير المشروعة للممتلكات, والممتلكات طبقاً للمادة 2 من الاتفاقية هي الموجودات, الأموال أو الأصول أيا كانت طبيعتها ونوعها سواء أكانت مستندات أو صكوك قانونية ....الخ حيث أن هذا التعريف مشابه لما ورد في المرسوم التشريعي رقم 33 لعام 2005 في مادته الأولى فقرة ب التي استبدل فيها عبارة الممتلكات بالأموال.
فقد تبدأ عملية الإخفاء بتغيير شكل المال القذر من عملة وطنية إلى عملة أجنبية أو إلى شيكات سياحية أو أوراق مالية أو شراء سلع معمرة أو معادن ثمينة أو عقارات مبينة أو غير مبنية أو أراضي زراعية ثم بيع الأشياء العينية وإيداع النقود السائلة في حسابات مصرفية.

التمويه: ويكون التمويه عن طريق اصطناع مشروع غير حقيقي يغطي أو يموه حقيقة هذه الأموال ,عن طريق خلط العائدات المادية المتحصلة من الجريمة بعائدات أخرى قانونية ,كإن يكون للمجرم أو العصابة المنظمة مجموعة مشاريع وهمية من شركات وغيرها يستطيعون من خلالها تبييض الأموال الناتجة عن جرائمهم بهذه الشركات ولكي تظهر وكأنها أرباح هذه الشركة مثلا.

محل هذه الأفعال:
إن محل الأفعال التي ذكرناها سابقا هي الأموال التي عرفها المرسوم السابق الذكر حين قال :
الأموال: تعني كافة أنواع الأصول سواء كانت مادية أو غير مادية منقولة أو غير منقولة أيا كانت كيفية اقتنائها والوثائق أيا كان شكلها بما فيها الالكترونية أو الرقمية الدالة على حق ملكية هذه الأصول أو حصة فيها وكل ما ينتج عن هذه الملكية أو أي حق متعلق بها بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر العملة الوطنية والعملات الأجنبية والتسهيلات المصرفية و الشيكات السياحية والشيكات المصرفية والحوالات النقدية والأسهم والأوراق المالية والسندات والكمبيالات والاعتمادات المستندية.
المصدر غير المشروع للأموال المغسولة:
تعتبر جريمة غسل الاموال جريمة تبعية لجريمة سابقة عليها فليس بالامكان القول بغسل الاموال دون أن يكون هناك جريمة سابقة عليها والا لما امكن القول بغسل الاموال وعلى ذلك سرد المشرع السوري مجموعة من الافعال الغير مشروعة والتي تكونت الاموال الغير مشروعة المراد غسلها منها.
وقد عرفت  المادة الاولى فقرة "ج" الاموال غير المشروعة: هي الاموال المتحصلة او الناتجة عن ارتكاب احدى الجرائم الآتية سواء وقعت هذه الجرائم في اراضي الجمهورية العربية السورية او في خارجها. ‏
1/ زراعة او تصنيع او تهريب او نقل المخدرات او المؤثرات العقلية او الاتجار غير المشروع بها. ‏
2/ الافعال التي ترتكبها جمعيات الاشرار المنصوص عليها في المادتين 325 و326 من قانون العقوبات وجميع الجرائم المعتبرة دوليا جرائم منظمة. ‏
3/ جرائم الارهاب المنصوص عليها في المادتين 304 و305 من قانون العقوبات وفي الاتفاقيات الدولية والاقليمية والثنائية التي تكون سورية طرفا فيها. ‏
4/ تهريب الاسلحة النارية واجزائها والذخائر والمتفجرات او صنعها او الاتجار بها بصورة غير مشروعة. ‏
5/ نقل المهاجرين بصورة غير مشروعة والقرصنة والخطف. ‏
6/ عمليات الدعارة المنظمة والاتجار بالاشخاص والاطفال والاتجار غير المشروع بالاعضاء البشرية. ‏
7/ سرقة المواد النووية او الكيميائية او الجرثومية او السامة او تهريبها او الاتجار غير المشروع بها. ‏
8/ سرقة واختلاس الاموال العامة او الخاصة او الاستيلاء عليها بطرق السطو او السلب او بوسائل احتيالية او تحويلها غير المشروع عن طريق النظم الحاسوبية. ‏
9/ تزوير العملة او وسائل الدفع الاخرى او الاسناد العامة او الاوراق ذات القيمة او الوثائق والصكوك الرسمية. ‏
10/ سرقة الآثار او الممتلكات الثقافية او الاتجار غير المشروع بها. ‏
11/ جرائم الرشوة والابتزاز. ‏
12/ جرائم التهريب. ‏
13/ استخدام العلامات التجارية المسجلة من قبل غير اصحابها او تزوير حقوق الملكية الفكرية.
ب :الركن المعنوي:
الركن المعنوي هو الحالة النفسية الكامنة وراء ماديات الجريمة. فلا يمكن أن يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة 
فالركن المعنوي اذن يتحقق بموقف الارادة من الفعل المادي, هذا الموقف الذي يتخذ احدى صورتين: القصد الجرمي, او الخطأ غير المقصود.
وقد نصت المادة الثانية من المرسوم التشريعي رقم "33" ,على أن يكون الفعل بقصد اخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الافلات من المسؤولية.
.
وبذلك يتبين بان جريمة تبييض الاموال هي جريمة قصدية, يقتضي لقيامها توافر القصد الجرمي, ولا يكفي لقيامها توافر الخطأ عند وقوع اهمال او قلة احتراز او عدم مراعاة القوانين والانظمة.
وينبغي لمساءلة الفاعل جنائياً, أن يتوافر لديه القصد العام والقصد الخاص.

* القصد العام:

القصد العام هو ارداة الجاني باقتراف الركن المادي للجريمة مع العلم به وبالعناصر التي يتطلبها القانون. وبذلك فان القصد العام في جريمة تبييض الاموال هو:
1 -­ العلم بالمصدر غير المشروع.
2 ­- إرادة سلوك تبييض الاموال.
وعلى هذا فإنه لتكوين الركن المادي في هذه الجريمة يجب أن يكون الجاني عالما بالمصدر غير المشروع للاموال وأن تتجه إرادته للفعل المكون للركن المادي.

* القصد الخاص:
 القصد الخاص هو نية تنصرف إلى غرض معين او يدفعها إلى الفعل باعث معين.
و يجب التفريق في القصد الخاص بين كل فعل من الافعال المكونة للركن المادي فبعضها مما يستوجب وجود قصد خاص وبعضها مما لا يستوجبه ويكتفى بالقصد العام
فالمادة الثانية السالفة الذكر:
اخفاء المصدر الحقيقي للاموال غير المشروعة فقرة أ "1" لا يستوجب وجود قصد خاص ,فالقصد الجنائي هنا هو قصد عام.
أما في فعل التحويل أو الاستبدال فقرة أ"2"فيجب توافر القصد الخاص هنا (وذلك بغرض اخفاء أو تمويه مصدرها أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الافلات من المسؤولية).
أما في تملك الاموال غير المشروعة أو حيازتها...الخ فلا يشترط القصد الجرمي وجود قصد خاص بل يكتفى بالعام.





الــــقــســــم الثاني : إشكالية العلاقة بين السرية المصرفية وغسل الأموال

المبحث الثالث: السرية المصرفية وغسل الأموال :

المطلب الأول : العلاقة بين السرية المصرفية و غسل الأموال

الظروف الاقتصادية كانت دافعا قويا وراء إقرار مبدأ سرية العمل المصرفي في العديد من الدول التي تسعى للحفاظ علي راس المال الوطني من الهروب إلى الدول التي تطبق هذا المبدأ ولجذب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار فيها بغية دعم الاقتصاد الوطني والسبب في انتقال الأموال إلى  الدول التي تطبق مبدأ سرية التعاملات المصرفية هو ذات السبب الذي يجعل غاسلي الأموال يتجهون إلى تلك الدول ، وهو الحفاظ علي سرية التعاملات المصرفية بحيث تتم هذه التعاملات بسرية وبسلاسة ودون أن تكون عرضة للكشف عنها مما قد يلحق الضرر في الأعمال التجارية وتستفيد الأموال المستمدة من مصادر غير مشروعة والقائمون على غسلها من هذه الميزة في الوقت ذاته وعلى هذا فإن البنوك والمصارف هي إحدى الحلقات الرئيسية التي تدور فيها الاموال المستمدة من مصادر غير مشروعة ، بل يمكن اعتبرها احد انجع الحلقات بسبب النتيجة النهائية والتي تصل اليها المصارف والبنوك بالذات لعملية غسيل الاموال ، ويرجع السبب في ذلك الى طبيعة العمل المصرفي وتشعب العمليات المالية التي يمارسها على مستوى يومي ، وهذا التشعب بطبيعة الحال سيبعد الاموال غير المشروعة عن مصادرها الفعلية ويدخلها في دوامة من العمليات التجارية والمالية التي يصعب على السلطات الرقابية تدقيقها والوصول الى الاموال غير المشروعة عبرها .
بالاضافة الى ذلك فالصناعة المصرفية وبفضل التطور التكنولوجي في العالم ، اصبحت تقدم مجموعة كبيرة من الخدمات المصرفية التي من شأنها ان تسهل على غاسلي الاموال عملهم لما تمتاز به هذه الخدمات المصرفية من سرعة في الزمن ودقة وتميز في الآداء ، وبالتالي فقد لا يشترك المصرف في غسيل الاموال بصورة مباشرة ، الا ان ما يقدمه من خدمات مصرفية قد يستغل بصورة مخالفة للقانون ، وهناك جانب اخر لا يجوز اغفاله وهو السرية المضفاة على التعاملات المصرفية المكتسبة من نصوص القوانين النافذة ، وبالنسبة لغاسل الاموال فان السرية عنصر ضروري جدا لا بل وأساسي .
وسنعرض الى ما يتعلق بالمؤشرات التي قد تدل البنك على ان المتعامل معه هو من غاسلي الاموال ، والثاني نتطرق فيه الى الأشكاليات التي تخلفها السرية المضفاة على التعاملات المصرفية التي تصطدم بها عمليات مكافحة غسيل الاموال .

أولا: المؤشرات التي قد تدل على تورط العميل في عمليات غسيل الاموال :
قد يتولد الشك لدى موظف البنك في حال توفر احد او بعض المؤشرات التي سيرد ذكرها بأن العميل الذي امامه هو احد المتعاملين بغسيل الاموال ، وبعض هذه المؤشرات قد يتعلق بشخص العميل وطبيعة النشاط الذي يمارسه وخلفية التعامل معه ، والبعض الاخر يتعلق بطبيعة العمليات المصرفية والمالية التي يقوم بها العميل ، ويلي مجموعة من المؤشرات التي قد تدفع بالموظف في البنك الى الشك بالعميل :
1
ـ وجود زيادة واضحة في الايداعات النقدية في الحسابات الفردية الشخصية او المتعلقة بالشركات ودون وجود دلالات ظاهرية تبررها ، خاصة عندما يتم تحويل هذه الايداعات ضمن فترة زمنية قصيرة من بلد آخر لا تتضح طبيعة الرابطة التي تربط ما بينها وبين نشاط العميل .
2
ـ طغيان التعامل المالي النقدي مع البنك من قبل شركة او شخص سواء بالسحب او الايداع بدلا من اشكال التعاملات المصرفية الاخرى كالشيكات مثلا .
3
ـ قيام شخص بفتح حساب جديد وتقديمه لمعلومات غير كافية او مضللة او معلومات يصعب على ادارة البنك التحقق من صحتها بسبب ارتفاع الكلفة .
4
ـ رفض العميل تقديم معلومات تخوله في العادة الحصول على خدمات وتسهيلات مصرفية يعتبرها العميل العادي ميزة إضافية .
5
ـ قيام مجموعة من العملاء معا بفتح حسابات مختلفة واجراء ايداعات نقدية في هذه الحسابات تقل عن الحد المقرر في القانون للتبليغ عنها وفي اوقات وظروف متباينة بحيث يكون مجموع قيمة الحسابات مبلغا ضخما .
6
ـ العملاء الذين يكتشف في ارصدتهم اوراق نقدية مزيفة بمعدلات واضحة .
7
ـالعملاء الذين يقومون بايداعات مالية ضخمة او يتلقون حوالات نقدية ضخمة من احد البلدان التي ترتبط بعملية انتاج او تهريب المخدرات او البلدان المعروف عنها تورطها في عمليات غسيل الاموال
8
ـ العملاء الذين يقومون بشراء عملات اجنبية متنوعة وبصورة منتظمة ومتكررة.
9
ـ زيادة عالية في حجم المدفوعات النقدية في احد الفروع او احد الحسابات في ذات الفرع من فروع المصرف ( واحصائيات الادارت العامة للبنوك بامكانها الكشف عن هذا(
10
ـ العملاء الذين يقومون بتسطير حوالات مالية ضخمة الى بلد آخر مع تعليمات بالدفع نقدا للمستفيد
11
ـ العملاء الذين يتفادون الاتصال المباشر مع البنك ، ويستخدمون اجهزة الصراف الآلي لغايات اجراء الايداعات او السحوبات المالية الضخمة .
12
ـ شراء او بيع العملات الاجنبية المتنوعة وبكميات كبيرة وباستخدام اسلوب التعامل النقدي على الرغم من ان العميل يحتفظ بحساب مفتوح لدى المصرف .
13
ـ السحوبات المالية الضخمة من حساب خامد او معلق ، او من حساب تم قيد حوالة واردة اليه بمبلغ ضخم ومباشرة بعد وصولها .
14
ـ قيام عدد كبير من الافراد باجراء ايداعات لقيدها في حساب واحد اما في ذات الفرع او في فروع مختلفة ودون وجدود تفسير واضح لذلك .
15
ـ ورود حوالات متعددة الى حساب واحد وبمجاميع ضخمة الا انها جميعا تقل عن الحد المقرر في القانون لاجراء التبليغ عنها في البلد الذي حولت منه.
16
ـ تورط بعض العاملين في المصرف في تسهيل عمليات غسيل الاموال ، ويتبين هذا من خلال التغيرات الملحوظة والمفاجئة في مستوى المعيشة وظهوره بمظهر لايتناسب مع حالته المادية او الارتفاع الواضح والمميز والمفاجئ في اداء موظف البنك المسؤول عن التعامل مع الجمهور
17
ـ رفض اتمام عملية الايداع النقدية التي تصل الى الحد المقرر في القانون من قبل المودع اذا اعلم انه يجب التحقق من هويته .
18
ـ محاولة المودع اغراء موظف البنك واقناعه بشتى الوسائل حتى لا يقوم بالتثبت من هويته .
المطلب الثاني: بعض السياسات المقترحة في محاولة لتفادي وقوع المصارف في شرك التورط في عمليات غسل الأموال و منها :

-1- اعرف عميلك .
فيتوجب على البنك ولضمان عدم تورطه في عمليات غسل الأموال ، الايعاز لموظفيه المتعاملين مع الجمهور ببذل كافة الجهود للتثبت من الهوية الحقيقية للعميل الذي يتقدم لفتح حساب جديد أو للحصول على أحد الخدمات المصرفية ويتعين عليه كذلك بذل العناية الكافية للتعرف على اصحاب الحسابات الاصليين وصناديق الحفظ لديه ، كما يتوجب على المصارف والبنوك ان تتبنى سياسة واضحة وصريحة في رفض تقديم الخدمات المصرفية للعملاء الذين يفشلون في تقديم المتطلبات القانونية والمستندات الدالة على هويتهم .

-2 -
ضمان وجود أثار للعمليات .
وهذا المبدأ مهم للغاية في تسهيل مهمة الجهات الرقابية القائمة على مكافحة غسيل الأموال، وتوجب هذه السياسة على البنك الاحتفاظ بنسخة من مستند اثبات الشخصية الذي قدمه العميل أو المودع والاحتفاظ بقيود وسجلات خاصة حول العمليات المصرفية المشتبه بها لتمكين الجهات الرقابية وفي حال تبين وجود عمليات غسيل للاموال من اعادة بناء العمليات المصرفية التي قام بها غاسل الأموال وتتبع النقود المغسولة حيثما ذهبت .

-3-
الاجتهاد واجب .
فعلى البنوك واجب اخذ الحيطة والحذر وتوجيه عناية خاصة لتفاصيل العمليات المصرفية المعقدة او الضخمة بصورة غير عادية او المتعلقة بايداعات او سحوبات ضخمة وتتم من خلال عمليات انماط غير مالوفة او بدون سبب اقتصادي او قانوني واضح .
كما يتوجب على القائمين على إدارة المؤسسة المصرفية توخي الحذر في التعاملات التي تتم مع الاشخاص او الشركات او البنك في البلدان التي لا تطبق نظمأ او معايير او اجراءات خاصة متعلقة بمكافحة عمليات غسيل الأموال أو التي لا تكون هذه الاجراءات فيها ناجعة بما فيها الكفاية ، وجوهر هذا المبدأ أن البنوك لا يجوز أن تغمض عيونها عن اية عملية تتم منها أو اليها مشكوك فيها او مشتبه بها .

-4 -
التقيد بالقوانين والتشريعات .
ويتوجب على إدارات البنوك هنا ضمان توافق العمل المصرفي مع نصوص واحكام القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمل المصرفي والاسس الاخلاقية التي تحكمه ، وتطبيق احكام هذه القوانين على العمليات المالية المصرفية التي يقوم العملاء بتنفيذها وعلى الرغم من ان البنوك في بعض الاحيان لا يمكنها التحقق فيما اذا كانت العمليات المصرفية التي يقوم بها العملاء مرتبطة بصورة مباشرة او غير مباشرة باحد النشاطات الاجرامية وقد لا يتحقق لها ذلك على المستوى الدولي ايضا فالبنوك لا يتسنى لها معرفة فيما اذا كانت العمليات التي تجري عالميا متفقة مع احكام القوانين والتشريعات في بلدان اخرى ، الا انه على البنوك والمصارف باي حال من الاحوال الا توفر الخدمات وتقدم المساعدات لاية عمليات مصرفية يشتبه بوجود علاقة بينها وبين النشاطات الاجرامية

-5 -
التعاون الفعال بين البنوك والاجهزة الرقابية .
يجب على البنوك أن تكون متعاونة مع سلطات انفاذ القانون بالحدود المتفقة مع القوانين المحلية المرتبطة بسرية العمل المصرفي ويتوجب على البنوك الحذر من امكانية مساعدة او تسهيل مهمة أي من المتعاملين الذين يحاولون خداع السلطات الرقابية من خلال قيام البنك بتزويد هذه السلطات بمعلومات مزورة او ناقصة او مضللة .
واذا ما قام الاعتقاد لديها بناءا على حقائق مثبتة بأن الاموال المودعة لديها في احد الحسابات أموال مستمدة من مصدر غير مشروع فعلى البنك اتخاذ الاجراءات القانونية مثل رفض تقديم المساعدة لهذا العميل أو انهاء علاقته بالبنك او اغلاق او تجميد حسابه لديهم وتقديم المساعدة والعون في جميع هذه الاحوال للسلطات الرقابية ، كل هذا مع عدم الاخلال باساسيات العمل المصرفي والقواعد القانونية التي تحمي المصرف والعملاء لديه على السواء ، كما ينبغي على موظفي البنوك الا يقوموا بتحذير العملاء اذا ما قام البنك بالابلاغ عن عمليات ايداع او سحب تتجاوز الحد المقرر في القانون للسلطات المعنية .
-6 -
اجراءات مناسبة للرقابة الداخلية .
يتعين على البنك أو المؤسسة المصرفية أن تضع نظاما يتضمن اجراءات للرقابة الداخلية بهدف احباط ومنع العمليات المرتبطة بغسيل الأموال ، فيمكن مثلا تعيين منسق على مستوى الادارة العامة وخلق وظيفة رقابية لفحص جميع الاجراءات المتعلقة بالعمليات المالية والتحقق منها .
-7 -
البرامج التدريبية .
تضمن البنوك لموظفيها برامج تدريبية خاصة وعلى أسس منظمة ومدروسة بغرض تعريفها على عمليات غسيل الأموال والكيفية التي يمكن من خلالها مكافحة هذه الافه واستمرار امدادهم بالمعلومات المستجدة في هذا المجال لكي يمارسوا وظائفهم بكفاءة وفاعلية .

المبحث الرابع : اشكاليات التوفيق بين مكافحة غسيل الأموال وقواعد العمل المصرفي بمافيها إهدار السر المصرفي و الجهود الدولية في هذا الإطار:

لا شك أن الاليات المصرفية المعقدة المتطورة التي تملكها البنوك من شأنها ان تسهل عمليات غسيل الأموال ، وهناك خاصية اخرى تتمتع بها الصناعة المصرفية من شانها ان تحفز غاسلي الاموال على استخدام كافة السبل ودفع أي مقابل لقاء تعاون المؤسسة المصرفية معهم وهي خاصية سرية العمل المصرفي المستمدة من تشريعات سرية العمل المصرفي الشائعة في انحاء العالم ، وهذه الخاصية تتعارض في بعض جوانبها مع الجهود التي تبذلها السلطات الرقابية في عمليات مكافحة غسيل الأموال .
ومبدأ السرية المصرفية كما علمنا يحرم على البنك أو المؤسسة المصرفية والموظفين العاملين فيها افشاء اية معلومات أو بيانات تتعلق بالعملاء اطلع عليها الموظف بحكم عمله ، كما لا يبيح هذا المبدأ اطلاع أي كان حتى لو كان موظفا في البنك ، فيما عدا صاحب الحساب حصرا او ورثته القانونين والجهات الرسمية في حالات حصريه ، كما لا يجوز اعطاء اية معلومات هاتفية عن اي حساب حتى لو ادعى المتصل بأن صاحب الحساب وبسبب هذا المبدأ ايضا بلغت المصارف الى مرحلة عدم استعمال المغلفات البريدية الشفافة حفاظا على هذه السرية.
والنظم القانونية في العالم اجمعت على الاخذ بهذا المبدا وقرت مجموعة من الجزاءات لمنتهكيه .
المطلب الأول: مسؤولية البنوك عن جريمة غسيل الأموال :

فمن المعروف والطبيعي أن يلجأ غاسلوا الأموال إلى البنوك لتحويل اموالهم الى اعتمادات وودائع بحيث يصبح التصرف بها أكثر سهولة ويسراً إضافة الي اللجوء إلى توظيف هذا الاموال من خلال المصارف والمؤسسات المالية بصورة استثمارات مالية بهدف إخفاء المصادر الحقيقية لهذه الاموال القذرة .
وبناءً على ما ذكر فقد تتعرض البنوك للمساءلة عن تلقيها أو قبولها للأموال القذرة خاصة إذا كانت تعلم أن هذا الاموال متحصلة عن فعل إجرامي .

وهنا يبرز التساؤل عن مدى اعتبار البنك مسؤولا او مساهماً في النشاط الجرمي لغسيل الاموال ، ومدى اعتباره مرتكبا لجريمة إخفاء أشياء او اموال متحصلة عن جريمة عند قبوله ايداع اموال قذرة لديه .
أولا : متى يمكن اعتبار البنك مساهما في جريمة غسيل الاموال ؟
إن قيام البنك بايداع الاموال القذرة لديه مع علمه بمصدرها وانها اموال ناتجة عن نشاط جرمي يكفي للقول بان البنك مساهم في تيسير غسيل الاموال ، وبالتالي مساهمته في الجريمة الاصلية التي نتجت عنها تلك الاموال ولكن البعض يعتقد انه ليس شرطا ان يكون البنك على علم بعدم مشروعية هذه الاموال وقد يكون هذا صحيحا ولكن توفر الظروف الموضوعية التي تحيط بعملية الايداع أو التحويل او غيرها يجب ان تجعل من الممكن التوصل الي الاشبتاه على الاقل بان العملية المصرفية مثيرة للريبة .
وعليه وخوفا من الوقوع تحت طائلة المسؤولية فانه يتعين علي البنوك اتخاذ التدابير الوقائية المعقولة للتحقق من هوية الاشخاص المتعاملين معها في كافة العمليات المصرفية خاصة وان معظم هذه العمليات تبنى علي الثقة والاعتبارات الشخصية ، كذلك فعلي البنوك ابلاغ الجهات المختصة في حال الاشتباه باية عمليات مشكوك بها ، وفي حال لم يقم البنك بالابلاغ في الوقت المناسب فانه يمكن تحميله المسؤولية القانونية واعتباره شريكا او مسؤولا من الناحية الجنائية.
ولكن الذي يحصل فعليا هو ان البنوك تلجأ الى اخفاء المعلومات عن الجهات المختصة مستغلة بذلك مبدأ السرية المصرفية وذلك خوفا من المسائلة القانونية من قبل العميل في حال تبين ان شكوك البنك لم تكن في محلها اضافة الى محاولة البنك الحفاظ على سمعته وثقة العملاء فيه .
ويرى البعض انه من الصعب اعتبار البنك مساهما في الجريمة بالتحريض والاتفاق الجنائي بينما يمكن اعتباره مساهما في صورة المساعدة بما يقوم به من تزويد العميل بالوسيلة التي تسير له جني ثمار الجريمة .
اما البعض الاخر فيذهب للاعتقاد انه من الصعوبة كذلك اعتبار البنك مساهما في جريمة غسيل الاموال حتى في صورة المساعدة وذلك للاسباب التالية :
أ – ان فعل المساهمة الجنائية يجب ان يكون سابقا او على الاقل معاصرا للجريمة الاصلية ومن هنا يصعب القول ان فعل البنك يشكل مساهمة في الجريمة ذلك ان الجريمة الاصلية تقع قبل استلام البنك للاموال القذرة ، أي انه لا يمكن اعتبار نشاط البنك سببا منشئا للجريمة الاصلية .
اما إذا اعتبرنا العملية البنكية نوعا من التواطؤ مع مرتكب الجريمة فان هذا التواطؤ لا يمكن ان يرقى الى مستوى كونه سببا في الجريمة ، خاصة وانه مجرد تامين لثمار الاموال المتحصلة عن الجريمة .
ب- لما كانت المساهمة الجنائية تقتضي من المساهم اتخاذ فعل ايجابي ، فانه من الصعب القول بان البنك ومن خلال امتناعه عن تحري مصدر الاموال المشبوهة قد ساهم مساهمة مباشرة في الجريمة اضافة الى ان اخفاق البنك في التحري عن مصدر الاموال المشبوهة لا يكفي لاعتباره شريكا او مساهما في الجريمة الاصلية التي نتجت عنها تلك الاموال خاصة وان سلوك البنك لم يكن مؤثرا في نشأة الجريمة وانما توقف عند آثارها .
ثانياً : متى يمكن اعتبار البنك مرتكبا لجريمة اخفاء اشياء متحصلة عن جريمة عند قبوله ايداع الاموال القذرة لديه .
يتجه البعض الى اعتبار البنك الذي يقوم بقبول ايداع اموال وهو علي علم بمصادرها غير المشروعة انما يعتبر مرتكبا لجريمة اخفاء اموال متحصلة عن جريمة .
اما البعض الاخر فيخالف هذا التوجه باعتبار ان البنك الذي يقبل ايداع هذه الاموال انما لا يتجاوز دوره تسجيل العملية المصرفية للعميل حتى لو كان منتفعا بالاموال المودعة لديه ، فالبنك الذي يقبل الودائع لا يحوزها باسمه بل تظل هذا الاموال مودعة باسم العميل ومملوكة له، فهو حائز للاموال المودعة لديه بموجب عقد الوديعة مع العميل وان خالف التزاماته العقدية اعتبر مرتكبا لجريمة خيانة الامانة .
ولكن هذا التحليل براينا لا يتفق مع المنطق والاصول القانونية وخاصة مع قوانين التجارة اذ انه من المسلم به ان الوديعة تنتقل الى ملكية البنك بمجرد ايداعها لديه وله الحق بالتصرف بها كما يشاء الى ان ياتي موعد استحقاقها او عندما يطلب احد طرفي العقد ( عقد الوديعة ) فسخ العقد اضافة الى ان البنك وكما سبق ان ذكرنا يعتبر منتفعا من تلك الاموال ناهيك عن ان البنك يكون مسؤولا عن تلك الاموال في حال فقدانها لاي سبب كان .
براينا وبناء على ما تقدم فان البنك يبقي مسؤولا مسؤولية جزائية عن احتفاظه بمثل هذه الاموال في حال علمه بمصدرها - ذلك اذا كانت النصوص المعمول بها في بلد البنك تجرم مثل هذا العمل - خاصة وان هذه الجريمة عمدية ولا تقع بمجرد الاهمال

المطلب الثاني: إهدار السريه المصرفية في سبيل مكافحة غسيل الأموال

ان هناك توجهاً دولياً قوياً نحو إلغاء السريه المصرفية في التعاملات البنكية لمنع عمليات تمويل الارهاب وغسيل الاموال وغيرها من الجرائم الاقتصادية .
وسوف نتعرض إلى هذه الجهود الدولية والاقليمية والعربية لاهدار مبدأ السرية المصرفية في سبيل مكافحة غسيل الاموال ، ولتنسيق الجهود حتى لا يتعارض هذا المبدأ مع مكافحة غسيل الاموال ، وأيضا توفير الحماية للبنوك من تجريمها بافشاء السر المصرفي اذا هي أدلت بمعلومات عن الحسابات المشبوهه لديها.

أولاً: الاتفاقات والقرارات الدولية والاقليمية
ادراكا من المجتمع الدولي للأثار السلبية لظاهرة غسيل الاموال على الاقتصاديات الوطنية وعلى الاقتصاد بصفة عامة ، فلقد توالت وتواصلت الجهود الدولية من اجل الحد من هذه الجريمة والعقاب عليها وضبط المنحرفين الذين يسهمون فيها ، والحد من مبدأ السرية المصرفية من اجل كشف هذه الجرائم ومرتكبيها .
ويمكن القول ان عام 1988 يمثل سنة الارتكاز بالنسبة للجهود الدولية في حقل مكافحة غسيل الاموال مع العلم ان الاهتمام بهذا الموضوع قد بدأ قبل هذا التاريخ ، ولكنه بقي ضمن اطار البحث العلمي ورسم الخطط وبناء الاستراتيجيات دون أن يصل إلى اطار دولي لحشد الجهود في المكافحة .

أما ابرز الجهود الدولية التي بذلت في هذا الخصوص فهي :

أ: اتفاقية الامم المتحدة لعام 1988 أو ما يعرف باتفاقية فينا :
تتعلق هذه الاتفاقية بالاتجارغير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وقد تم اقرارها بتاريخ 20/12/1988 ( أصبحت نافذة عام 1990 ) والتي تلزم الأطراف المنضمة اليها باضفاء الصفة الجرمية على مجموعة من الاعمال التي تستهدف اخفاء المصدر الجرمي للأموال والتستر على حركتها ووضعها ومالكها ، وكذلك على تسهيل التعاون القضائي والاداري وتبادل المتهمين بين الدول الأعضاء
ولعل هذه الاتفاقية هي الاهم بين اتفاقات الامم المتحدة حيث أنها فتحت الأنظار على مخاطر أنشطة غسيل الأموال المتحصلة عن تجارة المخدرات وآثارها المدمرة على النظم الاقتصادية والاجتماعية للدول ، كما جسدت قناعة المجتمع الدولي بأهمية تعاونه في مكافحة غسيل الاموال الناتجة عن الجرائم المذكورة كذلك فقد ساعدت هذه الاتفاقية على بناء الاستراتيجيات الجديدة التي تقضى بحرمان المجرمين من ثمار جرائمهم بغية تجريدهم من المحرك الأساسي لنشاطهم الجرمي، الا وهو قدراتهم المالية .
وقد تطرقت هذه الاتفاقية اساسا إلى :
الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية .
الأموال الناشئة عن هذه الجرائم .
الاحكام التأسيسية لجريمة غسيل الاموال.
الاشخاص المقصودين بجريمة غسيل الاموال
ويلاحظ المطلع على هذه الاتفاقية ان مصطلح " الأموال " الذي ورد فيها شمل الأموال بكافة أشكالها المادية وغير المادية ، المنقولة وغير منقولة ، الملموسة وغير الملموسة والمستندات القانونية او الصكوك التي تثبت تملك تلك الاموال او أي حق متعلق بها ، أي ان الاتفاقية شملت نتاج العقل البشري ( الحقوق الادبية والفنية والفكرية والاختراعات الصناعية ) بالأموال التي قد تنتج عن الجرائم
كما أنشأت هذه الاتفاقية موجب تجريم غسيل الأموال الناتجة عن الاتجار بالمخدرات وسهلت من اجراءات التعاون القضائي والاداري بين الدول ، اضافة إلى تبادل المتهمين بينها .
أما فيما يتعلق بالأشخاص المقصودين بجريمة غسيل الأموال فان أحكام الاتفاقية تشمل جميع أولئك الذين وصل إلى عملهم وعرفوا مصدر الاموال غير المشروعة ، كما وحضت على انزال العقوبات المناسبة بمرتكبيها .

ب: فريق العمل المالي الدولي 2 ( FATF ) :
إلى جانب جهود الامم المتحدة وبعد عام واحد تقريبا تاسس اطار دولي لمكافحة غسيل الأموال وهو فريق العمل المالي الدولي او ما يسمى بالمجموعة الدولية للعمل المالي (FATF) FINANCIAL ACTION TASK FORCE )) وهي منظمة نشأت عن اجتماع الدول الصناعية السبع الكبرى وقد فتحت هذه المنظمة عضويتها للدول الراغبة بالانضمام وتهدف المنظمة إلى تحديد انشطة غسيل الاموال وذلك من خلال الخبراء ولجان الرقابة ، وبالفعل اخذت تكشف عن اوضاع تصدرها وتحظى باهتمام الجهات الحكومية والتشريعية في مختلف دول العالم .
ففي تقريرها لعام 2000 مثلا نشرت المنظمة قائمة بالدول غير المتعاونة في ميدان مكافحة غسيل الأموال وعددها 15 دولة من بينها دولة عربية واحدة هي لينان والتي بدورها تقدمت باعتراض على وضعها ضمن هذه القائمة السوداء .
كما وقامت المجموعة باصدار تقرير من اربعين توصية وزع على اربعة اقسام ، وأهم ما انطوت عليه هذه التوصيات فـكان :
-1 -
ضرورة أن تتخذ كل دولة الاجراءات اللازمة ، بما فيها التشريعية لاعطاء الصفة الجرمية لفعل غسل الاموال ( التوصية الرابعة (
2 -
-تعديل نصوص قوانين السرية المصرفية على وجه يسهل ملاحقة جرم غسيل الاموال الملوثة .
-3 -
وضع توصيف موحد للمؤسسات المالية غير المصرفية التي يمكن استعمالها في غسيل الاموال الملوثة .
-4 -
اتخاذ ترتيبات لمصادرة الاموال المغسولة ومردودها والوسائل المستخدمة في غسيلها ( التوصية الثامنة )
-5 -
التزام المصارف بعدم فتح حسابات مجهولة الهوية او باسماء وهمية ( التوصية الثانية عشرة ) والتحقق من هوية الزبائن الذين يرغبون في فتح حسابات لمصلحة الغير (التوصية الثالثة عشر ) والاحتفاظ لمدة خمس سنوات على الاقل بالقيود والسجلات وسائر المستندات المتعلقة بالعمليات التي جرت على هذه الحسابات داخل البلاد او مع الخارج بشكل يجعل المصارف قادرة بسرعة على تلبية أي طلب معلومات يردها عند اللزوم من السلطات المختصة (التوصية الرابعة عشرة(
-6 -
الانتباه إلى العمليات المعقدة الهامة المشبوهة وغير العادية التي تجري بواسطة الحسابات المفتوحة وغير المبررة بسبب اقتصادي مشروع ( التوصية الخامسة عشرة  )
-7 -
ان يسمح للمؤسسة المالية اعداد تقرير عن هذه العمليات والابلاغ إلى هيئات الرقابة الرسمية داخليا وخارجيا او حتى الزامها بذلك ( التوصية السادسة عشرة )
-8 -
اعطاء المصرف الخيار بين اقفال الحسابات حتى لا تثار أي مسؤولية بحقه او اعلام السلطات المختصة بشكوكه بحيث يتم في هذه الحالة الاخيرة اعفاء المصرف وموظفيه من أي مسؤوليته عن افشاء السر بعض النظر عما اذا كان موجب السر هذا عقديا او مهنيا او قانونيا .
9 -
-التزام المصارف والمؤسسات المالية بوضع برامج لمكافحة عمليات غسيل الأموال تتضمن فيما تتضمن تدريب وتأهيل الموظفين لديها ( التوصية العشرون )
-10-
دراسة العمليات النقدية والتبليغ عنها عندما تتجاوز مبلغا محددا( التوصية الرابعة والعشرون(
-11 -
التشديد على التزام المصرف بعدم اطلاع أي زبون تكونت لديه شكوك عن حركة حسابه
بطبيعية هذه الشكوك ولا تنبهه السلطات المختصة بشأنها ، ضمانا لفعالية الاجراءات التحفظية والقانونية التي ستتخذ لاحقا .
-12 -
منح المصارف اختصاص تجميد الحسابات التي تبلغها السلطات الرسمية المختصة عدم سلامتها حتى لا يحصل تهريب لارصدتها قبل اصدار القرار القضائي بحجزها او بوضع اليد عليها .
-13 -
التشدد في مراقبة العلميات والتحويلات المالية التي جرت مع مصارف ومؤسسات مالية مقيمة في بلاد ذات تشريع وتنظيم مالي متساهل غالبا ما يستغلها اصحاب الأموال الملوثة لشراء أو تأسيس شركات فيها لتكون بمثابة صناديق رسائل في اعادة توظيف الأموال بطريق مشروعة في الاسواق المالية العالمية .
-14 -
قيام الهيئات الدولية بجمع المعلومات المتعلقة بتطور عمليات الغسيل والتقنيات المستعملة فيها وتوزيعها على السلطات المختصة ( التوصية الواحدة والثلاثون).
-15 -
تبادل المعلومات بين الدول بصورة تلقائية أو عند الطلب ) التوصية الثانية والثلاثون) دراسة امكانية اتخاذ افضل الاجراءات التي توفر رقابة مثمرة على انتقال رؤوس الاموال عبر الحدود .
-17-
تكليف لجان الرقابة على المصاريف بالتدقيق بوجود نظام فعال لمراقبة غسل الاموال لدى المصارف التي تراقب اعمالها وتقديم التوجيهات والمساعدة عند الاقتضاء لهذه المصارف .
-18 -
تضمين الاطار التنظيمي لعمل كل من المؤسسات المالية غير المصرفية احكاما تجنبها الاشتراك او التورط في عمليات غسل الاموال الوسخة .
-19 -
تفعيل دور السلطات المعينة (المصارف المركزية ـ الانتربول ) في جمع المعلومات حول
المستجدات التقنية في عمليات الغسل وتزويد المصارف والمؤسسات المالية بها مع
التوضيحات العائدة لكيفية محاربتها والتصدي لها .
وتحت وطاة هذه الاتجاهات الدولية المتعاظمة الحجم والتاثير يوما بعد يوم وفي سبيل التصدي للخطورة المتصاعدة للانشطة الجرمية المنظمة ، استجابت العديد من الدول في تشريعاتها
الداخلية ووسعت من دائرة التجريم حتى يصبح ممكنا ان يطال العقاب مختلف انواع تلك
الانشطة
ج: اعلان ستراسبورغ .
في العام 1990 ظهرت الاتفاقية الاوروبية )اعلان ستراسبورغ ) المتعلقة باجراءات التفتيش والضبط الجرمي لغسيل الأموال والتي حددت الاطار الدولي للتعاون في حقل مكافحة الانشطة الجرمية لغسيل الاموال ومثلت الاطار القانوني الارشادي للبرلمات الاوروبية ، وقد صدر عن هذه الاتفاقية دليل الحماية من استخدام النظام المالي في انشطة غسيل الاموال لعام 1991 والذي يهدف إلى وضع اطار قانوني لجهات مكافحة غسيل الاموال وقد جرى تطبيق محتواه في العديد من التشريعات الاوروبية مثل قانون العدالة الجنائية البريطاني لعام 1993 .

د: توصيات بازل ( اعلان بازل) :
صدرت توصيات بازل عام 1988 عما يعرف بمجموعة العشرة ( وهي البنوك المركزية وبعض المؤسسات المالية ذات الطابع الاشرافي ) التي اجتمعت في بازل بسويسرا ، حيث تضمنت هذه التوصيات العديد من المبادئ التي يتعين على المصرفيين اتباعها لكي يتم السيطرة على ظاهرة غسيل الاموال بل ومنع استخدام البنوك كوسيلة لتسهيل اخفاء او تنظيف الاموال .
ه: قرار مجلس الامن رقم 1373 :
أن هذا القرار جاء خاصا بمكافحة الارهاب وتجميد اموال المنظمات الارهابية والذي اتخذه المجلس في جلسته رقم 4385 والمعقود بتاريخ 28/9/2001 على اثر هجمات 11 ايلول 2001 التي وقعت في نيويورك وواشنطن العاصمة وبنسلفانيا في الولايات المتحدة الامريكية وهذا القرار صدر بموجب الفصل السابع من الميثاق .
واكد هذا القرار في متنه على الصلة الوثيقة بين الارهاب الدولي والجريمة المنظمة عبر الوطنية والاتجار غير المشروع بالمخدرات وغسل الاموال .
كما طالب هذا القرار جميع الدول بالقيام بدون تاخير بتجميد الاموال واي اصول مالية او موارد اقتصادية لاشخاص برتكبون اعمالا ارهابية او يحاولون ارتكابها او يشاركون في ارتكابها ، كما حظر هذا القرار على رعايا جميع الدول او على أي أشخاص او كيانات داخل أراضيها إتاحة أي أموال او أصول مالية او موارد اقتصادية او خدمات مالية او غيرها بصورة مباشرة او غير مباشرة للأشخاص الذين يرتكبون أعمالا إرهابية او يحاولون ارتكابها او يسهلون او يشاركون في ارتكابها .
اما عن مدى إلزامية هذا القرار للدول الأعضاء في الأمم المتحدة فنجد بان هذه الدول ملزمة باتباع ما جاء في هذا القرار ، حيث ان مجلس الأمن وهو جزء من ميثاق الأمم المتحدة والتي وقعت جميع الدول – باستثناء سويسرا – وانضمت اليه وهي بمعني آخر معاهدة دولية تلزم جميع الدول الموقعة عليها بالتقيد بأحكامها .
كما ان هذا القرار صدر بموجب الفصل السابع من الميثاق وقد نصت المادة 39 من هذا الفصل علي ان مجلس الأمن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير لحفظ السلم والأمن الدوليين ونص في المادة 41 ان لمجلس الأمن ان يطلب الى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير .

ثانياً: الجهود العربية في مكافحة غسيل الأموال :
ما زالت الجهود الاقليمية العربية لمكافحة غسيل الاموال محدودة ، نظرا لان التقدم في هذا المجال على المستوى الاقليمي اقل مما هو على المستوى الدولي ، وتتمثل هذه الجهود بـ :
-1 -
المؤتمر العربي الثامن لرؤساء اجهزة مكافحة المخدرات ، المنعقد عام 1994 والذي صدرت
عنه توصيات بضرورة التنسيق بين المؤسسات المالية والاجهزة الامنية في البلدان العربية للتعرف على الاساليب والحيل المستخدمة في عمليات غسيل الاموال المتأتية من الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية مع مراعاة وضع القواعد والإجراءات اللازمة لمحاربة هذه الجريمة في ضوء التجارب العربية والدولية بهذا الشأن .
2 -
-المؤتمر العربي التاسع لرؤساء أجهزة مكافحة المخدرات المنعقد في تونس عام 1995 والذي تطرق الى منع غسيل الاموال وفرض الرقابة على الكيميائيات والعقاقير المخدرة وتطبيق اهم ما جاء في اتفاقية فينا للعام 1988 كآليات واساليب مبتكرة للتصدي لجرائم الاتجار غير المشروع بالمخدرات
-3 -
الاجتماع التاسع لرؤساء الاجهزة الوطنية المعنية بانفاذ قوانين العقاقير المخدرة عام 1999 والذي اقترح توسيع نطاق غسيل الاموال لتشمل بالاضافة الى الاموال القذرة الناتجة عن المخدرات كافة الجرائم الخطيرة والتي ترتكب سعيا وراء الربح المادي .

الخــــــــــــــــــا تمـــــــــــــة :


من خلال ما تقدم يمكن أن نورد بعض التوصيات  :

1- أهمية وضع تشريع عربي قومي لمحاربة غسل الأموال.

2- تطوير قوانين السرية المصرفية لتنسجم ومكافحة غسل الأموال.

3- الاستفادة من خبرة عدد من المصارف العالمية.

4- أهمية إشراك المؤسسات المالية والمصرفية.

5- إلزام المؤسسات المالية والمصرفية بكل الترتيبات.

6- عقد مؤتمرات وندوات




المراجع

 الـــــكـــــتـــب
·        قانون العقوبات الإقتصادي                        الدكتور عبود السراج    مطبوعات جامعة دمشق

·        تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ، مكافحة الجريمة عبر القنوات المالية
§        الدكتور منى الأشقر و الدكتور محمود الأشقر                        

·        جريمة تبييض الأموال دراسة مقارنة         القاضي الدكتور غسان رباح

·        المد و الجزر بين السرية المصرفية و تبييض الأموال      الدكتورة هيام الجرد     منشورات الحلبي الحقوقية


الإتـــفــا قـــيــات و القوانين و التعليمات

·        اتفاقية الامم المتحدة لعام 1988 أو ما يعرف باتفاقية فينا

·        قرار مجلس الامن رقم 1373

·        المرسوم التشريعي رقم 59 تاريخ 9/9/2003      غسل الأموال

·        المرسوم التشريعي رقم 33 تاريخ 1/5/2005      تشكيل هيئة مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب

·        المرسوم التشريعي رقم 34 تاريخ 1/5/2005      سرية المصارف

·        التوصيات الأربعون الصادرة عن لجنة الــــــ  FATF

·        توصيات بازل ( اعلان بازل) أو ما يعرف بمجموعة العشرة

·        اعلان ستراسبورغ العام 1990


المواقع الإلكترونية

1-فريق العمل المالي لمكافحة غسل الأموال  : www.fatf-gafi.com
4 – www.banksontral.com